فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
بصيرة في الأرض:
هو الجِرْم المقابل للسّماء.
وجمعه أَرَضُون، وأَرَضات، وأُرُوض، وآراض والأَراضى جمعٌ غير قياسىّ.
ولم يأْت بجمعها القرآن.
ويُعَبِّر بها عن أَسفل الشَّيء؛ ما يعبّر بالسّماء عن أَعلاه.
والأَرض أَيضًا: أَسفلُ قوائم الدّابة، والزُكَامُ والنُفْضة، والرعدة.
وقوله تعالى: {يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} عبارة عن كلّ تكوين بعد إِفساد، وعود بعد بَدْء ولذلك قال بعض المفسّرين: يُعنى به تلْيين القلوب بعد قساوتها.
وأَرْض أَريضة: حَسَنة النبْت، زكيّة معجبة للعين، خليقة للخير.
والأَرَضة محرّكة: دودة خبيثة مفسِدة.
وخَشَب مأْروض: أَكلته الأَرضة.
والأُرضة- بالكسر وبالضمّ، وكعِنبة- الكلأُ الكثير.
وأَرِضت الأَرضُ- كسمع-: كثر كلؤها.
والتَّأريض: تشذيب الكلام، وتهذيبه، والتثقيل، والإِصلاح.
وفى بعض الآثار: إِنَّ الأَرض بَيْن إِصبعَىْ مَلَك يقال له: قصطائل.
وفيه: خلق الله جواهر غِلَظه كغلظ سبع سماوات، وسبع أَرضين، ثمّ نظر إِلى الجوهر، فذاب الجوهر من هَيْبَة الجَبَّار، فصار ماء سَيّالًا، ثمّ سَلَّط نارًا على الماء، فعلا الماء وعلاهُ زَبَدٌ، وارتفع منه دخان، فخلق الله السّماوات من الدّخان، والأَرضَ من الزَّبَد، وكانت السّماوات والأَرضون متراكمة، ففتقهما الله تعالى، ووضع بينهما الهواء.
فذلك قوله تعالى: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} قال الشاعر:
منها خُلِقْنَا وكانت أُمّنا خُلقت ** ونحن أَبناؤها لو أَننا شُكُر

هى القَرَار فما نبغِى به بدلًا ** ما أَرحمَ الأَرضَ إِلاَّ أَننا كُفُر

وسئل بعضهم، وقيل: إِنَّ ابن آدم يعلم أَنَّ الدّنيا ليست بدار قرار، فلِمَ يطمئنّ إِليها؟ فقال: لأَنَّه منها خُلق، فهى أُمّه، وفيها وُلد فهى مَهْده، وفيها نشأَ فهى عُشُّه، وفيها رُزِق فهى عَيْشُه، وإِليها يعود فهى كِفَاتُه، وهى ممرّ الصّالحين إِلى الجنَّة.
وذكر الأَرض في القرآن على أَربعة عشر وجهًا.
الأَوّل: بمعنى الجنَّة: {أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
الثانى: بمعنى أَرض الشَّأْم وبيت المقدس: {كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ} يعنى أَرض الشام.
الثالث: بمعنى المدينة النبويّة: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً} {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} {يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا}.
الرّابع: بمعنى أَرض مصر خصوصًا: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ} {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} {عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِي الأَرْضِ}.
الخامس: بمعنى أَرض ديار الإِسلام {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ}.
السّادس: بمعنى جميع الأَرض: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ} {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} {خَلَقَ الله السَّمَاوَاتِ والأَرْض}.
السّابع: بمعنى تراب القبر {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} أي القبر.
الثامن: بمعنى تِيه بنى إِسرائيل: {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ}.
التَّاسع: كناية عن القلوب: {وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} يعنى منفعة مواعظ القرآن في قلوب الخَلْق.
العاشر: بمعنى ساحة المسجد وصَحْنه: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ}.
الحادى عشر: بمعنى المُقام: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} أي بأَىّ مقام.
الثانى عشر: بمعنى أَرض مكَّة شرّفها الله تعالى: {قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ}.
الثالث عشر: بمعنى أَرض قُريظة وبنى النَّضير: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا}.
الرابع عشر: بمعنى أَرض المحشر {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ}. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
سورة سبأ:
قوله جل ذكره: {بسم الله الرحمن الرحيم} {بسم الله} كلمة سلابة غلابة، نهابة، وهابة، تسلب القلوب؛ ولكن لا كل قلب، وتغلب الألباب ولكن ليس كل لبيب، وتنهب الأرواح ولكن من الأحباب ونهب الارتياح.
ولكن لقوم مخصوصين من الطلاب.
قوله جل ذكره: {الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير}.
افتتح السورة بذكر الثناء على نفسه، ومَدْحُه لنفسه إِخبارٌ عن جلالِه، واستحقاقه لنعوت عزِّه وجمالِه، فهو في الأَزل حامدٌ لنفسِه محمودٌ، وواحدٌ موجود، في الآزال معبود، وبالطلبات مقصود.
{الَّذِى لَهُ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرْضِ} المُلْكُ لا يكون بالشركة؛ فلا مَلِكَ إلا الله. وإِنْ أجرى هذا الاسمَ على مخلوق بالزنجيُّ لا يتغير لونُه وإِنّ سُمِّيَ كافورًا!
{وَلَهُ الْحَمْدُ في الأَخِرَةِ} مِنَ الذين أَعتقهم، وفي النعمة أغرقهم.
{وَهُوَ الْحَكِيمُ} بتخليد قومٍ في الجنة، وتأبيد قومٍ في النار.
{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ في الأَرْضِ} من الحَبِّ تحت الأرض، والماء يرسب فيها، والأشياء التي تُلْقَى عليها، والناس يُقْبَرُون في الأر.
{وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من النبات والأزهار، والموتى يُبعثون.
{وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء} من القَطْرِ والمَلَكِ، والبركة الرزق، والحُكْمِ.
{وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} من الصحف، وحوائج الناس: وهِمَمِ الأولياء.
{وَهُوَ الرَّحِيمُ} بعباده، {الغَفُورُ} لجميع المذنبين من المسلمين. اهـ.

.تفسير الآيات (3- 6):

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ثبتت حكمته بما نشاهد من محكم الأفعال وصائب الأقوال، فثبت بذلك علمه لأن الحكمة لا تكون إلا بالعلم، وكان الرب الرحيم العليم لا تكمل ربوبيته إلا بالملك الظاهر والأيالة القاهرة التي لا شوب فيها، ثبت البعث الذي هو محط الحكمة وموضع ظهور العدل، فكانت نتيجة ذلك: فالله يأتي بالساعة لما ثبت من برهانها كما ترون، فعطف عليه قوله: {وقال الذين كفروا} أي ستروا ما دلتهم عليه عقولهم من براهينها الظاهرة: {لا تأتينا الساعة} والإخبار عنها باطل.
ولما تقدم من الأدلة ما لا يرتاب معه، أمره أن يجيبهم برد كلامهم مؤكدًا بالقسم على أنه لم يخله من دليل ظاهر فقال: {قل بلى وربي} أي المحسن إليّ بما عمني به معكم من النعم، وبما خصني به من تنبئتي وإرسالي إليكم- إلى غير ذلك من أمور لا يحصيها إلا هو سبحانه، فهو أكرم من أن يدعكم من غير أن يحشركم لينتقم لي منكم، ويقر عيني بما يجازيكم به من أذاكم لي ولمن اتبعني، فإنه لا يكون سيد قط يرضى أن يبغي بعض عصاة عبيده على بعض، ويدعهم سدى من غير تأديب، فكيف إذا كان المبغي عليه مطيعًا له، والباغي عاصيًا عليه، هذا ما لا يرضاه عاقل فكيف بحاكم فكيف بأحكام الحاكمين؟ {لتأتينكم} أي الساعة لتظهر فيها ظهورًا تامًا الحكمة بالعدل والفضل، وغير ذلك من عجائب الحكم والفصل.
ولما كان الحاكم لا يهمل رعيته إلا إذا غابوا من علمه، ولا يهمل شيئًا من أحوالهم إلا إذا غاب عنه ذلك الشيء، وكانت الساعة من عالم الغيب، وكان ما تقدم من إثبات العلم ربما خصه متعنت بعالم الشهادة، وصف ذاته الأقدس سبحانه بما بين أنه لا فرق عنده بين الغيب الذي الساعة منه والشهادة، بل الكل عنده شهادة، وللعناية بهذا المعنى يقدم الغيب إذا جمعا في الذكر، فقال مبينًا عظمة المقسم به ليفيد حقية المقسم عليه لأن القسم بمنزلة الاستشهاد على الأمر، وكلما كان المستشهد به أعلى كعبًا وأبين فضلًا وأرفع منزلة كان في الشهادة أقوى وآكد، والمستشهد عليه أثبت وأرسخ، واصفًا له على قراءة الجماعة ومستأنفًا،- وهو أبلغ- على قراءة المدنيين وابن عامر ورويس عن يعقوب بالرفع: {عالم الغيب} وقراءة حمزة والكسائي {علام} بصيغة المبالغة كما هو أليق بالموضع.
ولما كنا القصور علمنا متقيدين بما في هذا الكون مع أن الكلام فيه، قال مصرحًا بالمقصود على أتم وجه: {لا يعزب} أي يغيب ويبعد عزوبًا قويًا على قراءة الجماعة بالضم، ولا ضعيفًا- على قراءة الكسائي بالكسر {عنه مثقال ذرة} أي من ذات ولا معنى، والذرة نملة حمراء صغيرة جدًا صارت مثلًا في أقل القليل فهي كناية عنه.
ولما كان في هذه السورة السباق للحمد، وهو الكمال وجهة العلو به أوفق ولأمر الساعة ومبدأه منها بدأ بها.
ولما كان قد بين علمه بأمور السماء، وكان المراد بها الجنس، جمع هنا تصريحًا بذلك المراد فقال: {في السماوات} وأكد النفي بتكرير لا فقال: {ولا في الأرض} ولما كنا مقيدين بالكتاب، ابتدأ الخبر بما يبهر العقل من أن كل شيء مسطور من قبل كونه ثم يكون على وفق ما سطر، فإذا كشف للملائكة عن ذلك ازدادوا إيمانًا وتسبيحًا وتحميدًا وتقديسًا، فقال- عند حميع القراء عاطفًا على الجملة من أصلها لا على المثقال لأن الاستثناء يمنعه: {ولا أصغر} أي ولا يكون شيء أصغر {من ذلك} أي المثقال: {ولا أكبر} أي من المثقال فما فوقه {إلا في كتاب} وإخبارنا به لما جرت به عوائدنا من تقييد العلم بالكتاب، وأما هو سبحانه فغني عن ذلك.
ولما كان الإنسان قد يكتب الشيء ثم يغيب عنه وينسى مكانه فيعجز في استخراجه أخبر أن كتابه على خلاف ذلك، بل هو حيث لا يكشف من يريد اطلاعه عليه شيئًا إلا وجده في الحال فقال: {مبين} ويجوز- ولعله أحسن- إذا تأملت هذه مع آية يونس أن يعطف على مثقال، ويكون الاستثناء منقطعًا، ولكن على بابها في كونها بين متنافيين، فإن المعنى أنه لا يغيب ولا يبعد عنه شيء من ذلك لكنه محفوظ أتم حفظ في كتاب لا يراد منه كشف عن شي إلا كان له في غاية الإبانة، ولعله عبر بأداة المتصل إشارة إلى أنه إن كان هناك عزوب فهو على هذه الصفة التي هي في غاية البعد عن العزوب، ثم بين علة ذلك كله دليلًا على صدق القسم بما ختمت به الأحزاب من حكمة عرض الأمانة مما لا يمتري ذو عقل ولو قل في صحته، وأنه لا يجوز في الحكمة أن يفعل غيره فقال: {ليجزي الذين آمنوا} أي فإنه ما خلق الأكوان إلا لأجل الإنسان، فلا يجوز أن يدعه بغير جزاء: {وعملوا} أي تصديقًا لإيمانهم {الصالحات}.
ولما التفت السامع إلى معرفة جزائهم، أوردة تعظيمًا لشأنه، جوابًا للسؤال مشيرًا إليه بما دل على علو رتبته بعلو رتبة أهله: {أولئك} أي العالو الرتبة {لهم مغفرة} أي لزلاتهم أو هفواتهم لأن الإنسان المبني على النقصان لا يقدر العظيم السلطان حق قدره {ورزق كريم} أي جليل عزيز دائم لذيذ نافع شهي، لا كدر فيه بوجه.
ولما كانت أدلة الساعة قد اتضحت حتى لم يبق مانع من التصديق بها إلا العناد، وكان السياق لتهديد من جحدها، قال معبرًا بالماضي: {والذين سعوا} أي فعلوا فعل الساعي {في آياتنا} أي على ما لها من العظمة {معجزين} أي مبالغين في قصد تعجيزها بتخلفها عما نزيده من إنفاذها، وهكذا معنى قراءة المفاعلة، ولما كان ذنبهم عظيمًا، أشار بابتداء آخر فقال: {أولئك} أي البعداء البغضاء الحقيرون عن أن يبلغوا مرادًا بمعاجزتهم {لهم عذاب} وأيّ عذاب {من رجز} أي شيء كله اضطراب، فهو موجب لعظيم النكد والانزعاج، فهو أسوأ العذاب {أليم} أي بليغ الألم- جره الجماعة نعتًا لرجز، ورفعه ابن كثير وحفص عن عاصم نعتًا لعذاب.
ولما ذم الكفرة، وعجب منهم في إنكارهم الساعة في قوله: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة} وأقام الدليل على إتيانها، وبين أنه لا يجوز في الحكمة غيره ليحصل العدل والفضل في جزاء أهل الشر وأولي الفضل، عطف على ذلك مدح المؤمنين فقال واصفًا لهم بالعلم، إعلامًا بأن الذي أورث الكفرة التكذيب الجهل: {ويرى الذين} معبرًا بالرؤية والمضارع إشارة إلى أنهم في عملهم غير شاكين، بل هم كالشاهدين لكل ما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وبالمضارع إلى تجدد عملهم مترقين في رتبه على الدوام مقابلة لجلافة أولئك في ثباتهم على الباطل الذي أشار إليه الماضي، وأشار إلى أن علمهم لدني بقوله: {أوتوا العلم} أي قذفه الله في قلوبهم فصاروا مشاهدين لمضامينه لو كشف الغطاء ما ازدادوا يقينًا سواء كانوا ممن أسلم من العرب أو من أهل الكتاب {الذي أنزل إليك} أي كله من أمر الساعة وغيره {من ربك} أي المحسن إليك بإنزاله، وأتي بضمير الفصل تفخيمًا للأمر وتنصيصًا على أن ما بعده مفعول {أوتوا} الثاني فقال: {هو الحق} أي لا غيره من الكلام {ويهدي} أي يجدد على مدى الزمان هداية من اتبعه {إلى صراط} أي طريق واضح واسع.
ولما كانت هذه السورة مكية، وكان الكفار فيها مستظهرين والمؤمنون قليلين خائفين، والعرب يذمونهم بمخالفة قومهم ودين آبائهم ونحو ذلك من الخرافات التي حاصلها الاستدلال على الحق المزعوم بالرجال قال: {العزيز الحميد} أي الذي من سلك طريقه- وهو الإسلام- عز وحمده ربه فحمده كل شيء وأن تمالأ عليه الخلق أجمعون، فإنه سبحانه لابد أن يتجلى للفصل بين العباد، بالإشقاء والإسعاد على قدر الاستعداد. اهـ.